...صفحه رقم ثلاثه
وقبل أن نشرع في وصف اسراتيجية النباتات في الصحراء، لابد من التنبه والتنبيه الى الوحدة العميقة للصحراء العربية، وصحراء الشمال الافريقي جزء منها، بل هو اكبر اجزائها، كما لابد من التنبيه، الى انه داخل هذه الوحدة الجيولوجية المناخية الممتدة من الرياض حتى نواكشوط، تقوم خصوصيات كبرى مميزة للمغرب العربي عن المشرق، توجد داخلها خصوصيات فرعية للصحاري المغاربية، نفسها تكسب كل واحدة منها ملامح وقسمات بارزة او مكتومة، بهذه الدرجة او بتلك.
ونريد هنا أن نسجل بسرعة مظهرا من مظاهر هذه الوحدة النباتية على مستوى المغرب العربي، قبل الدخول في العموميات الاستراتتجية. لقد سجل الباحث الفرفسي "ج. بارير" بالسفح الغربي لقمة "جبل الهكار" بالصحراء الجزائرية مثل وجود اشجار فستق عتيقة من فصيلة تنتمي الى نوع توجد بعض بقاياه بمنحدرات الاطلس المغربي، على مسافة ألف وخمسملئة كيلومتر الى الشمال، كما اكتشف زيتونات بجباك الهكار والعير وجبل مرة تختلف اشكال اوراقها وزهورها ولقاحاتها عن مثيلاتها الأخرى المتوافرة بالاقسام المتوسطية من الشمال الافريقي.
سجل الباحث الفرنسي الظاهرة وتساءل: كيف تم توزيع تلك الاشجار بالشكل الذي هي عليه الآن ة لابد ان التوزيع جرى باسلوب بطيء بسبب وزن بشرات الزيتون. وكم مر من الوقت حتى اكتسبت خصائصها الثابتة ة وذكر الباحث: "ان هذه الاشجار المنعزلة، بل المعزولة،كانت عاجزة عن الانجاب والتناسل في الظروف المناخية السائدة رغم انها استمرت في انتاج البشسر. ثم ان تباعد هذه الاشجار بعضها عن بعض، وتباعد الانواع الاخرى عنها وفيما بينها، ونسبة انتشار الافراد على الكيلومتر المربع، كلها وقائع تعود اسهاسا الى تصاعد إالجفاف) واجمالا، فان التنافس على كميات المياه المتاحة بسبب هذا التوزع التدريجي الخاص كانواع النبات معقد الى درجة يصبح معها الحديث عن مفهوم الغطاء النباتي لغوا لا معنى له.