هناك فرق يمكن ملاحظته اليوم بين الوزن الزائد والسمنة، فإن كان الوزن الزائد يقل وينخفض حسب طبيعة الأكل أو التمارين أو الحالة النفسية أو غيرها، فإن السمنة هي ذلك الترهل الذي يعجز الإنسان عن تخفيفه.
واليوم، تعتبر السمنة ثاني الأسباب الرئيسية للوفاة قبل الأوان في أمريكا بعد التدخين"، بحسب ما ذكرت وكالات الأنباء، وقد جاء في هذا التقرير أن دراسة حديثة أجريت على مليون شخص أمريكي، كشفت أن بعض الأشخاص قد يواجهون خطر الموت مبكراً بسبب زيادة الوزن. وقالت الدراسة التي نشرت في دورية "نيو إنجلاند جورنال أوف ميدسن" الطبية، إن هناك علاقة – خاصة واضحة – بين الزيادة المفرطة في الوزن وزيادة مخاطر الموت بأمراض القلب والسرطان.
السمنة.. تقتلنا!
حذرت هذه الدراسة من أن المزيد من البالغين والأطفال أكثر وزناً من أي وقت مضى، وأن أكثر من 55% من الأمريكيين يَزِنون أكثر مما ينبغي. وقالت الدكتورة إيجبنا كالي (الطبيبة في علم الأوبئة واختصاصية السرطان التي قادت الدراسة): "إن الرسالة الواضحة هي أننا نسمن، أكثر من اللازم، وهذا يقتلنا، فنحن بحاجة إلى التوصل كمجتمع إلى طرق تجعلنا نأكل أقل ونمارس الرياضة أكثر".
وقد احتسب الباحثون جميع أبعاد ومقاييس الجسم البشري والتي تسمى "الدليل الشامل لعوامل الجسم" (B.M.A) وتعقبوها من أجل معرفة سبب الوفاة والسن التي تحدث فيه، مع المناظرة بين عوامل التعليم والنشاط الجسماني وتعاطي المسكرات والحالة الاجتماعية واستخدام الأسبرين كمرفق وقائي للدم، وكذلك استهلاك الدُّهون والخضروات فضلاً عن استخدام مادة "الاستروجين" كتعويض هرموني بعد سن اليأس لدى النساء.
ووجد الباحثون أنه بين الأشخاص الأصحاء غير المدخنين من الرجال والسيدات البيض، ومعهم الرجال السُّود، تتزايد مخاطر الوفاة بعد أن يتزايد مؤشر الدليل (بي. إم. إي) لدى الشخص عن 25 نقطة، وهي نسبة وزن الجسم إلى طول القامة، حيث توجد علاقة مهمة بين الطول والوزن الذين يحتسبان معاً لبيان الوزن المثالي الذي يجب ألا يتخطاه الفرد. وقد تخطاه هؤلاء الذين تجاوزوا الـ25 نقطة، بأوزانهم المفرطة في الزيادة.
من البدين المعرّض للأخطار؟
مجلة "هيلث" في أشارتها إلى التقرير الذي أعدته لجنة من خبراء المعهد القومي الأمريكي للصحة، قالت: "إن التساؤل ينبغي أن يصاغ على نحو: من هو البدين المعرض للأخطار الصحية، ومن هو البدين الأقل تعرضاً لهذه الأخطار؟".
وقد استهدف التقرير تلك الأرطال القليلة الزائدة على مؤشرات الوزن المناسب مع الطول. وقال إن مصير هذه الأرطال ينبغي أن تحدده عدة عوامل منها: هل مرض السُّكري أو أمراض القلب لها تاريخ متكرر في العائلة؟ وهل مستوى الكوليسترول وضغط الدم مرتفعان لدى الشخص زائد الوزن؟، فإذا كانت الإجابة بالنفي، فهذا الشخص في عرف خبراء المعهد الأمريكي معافى، ما دام قد تحاشى اكتساب ذلك الرطل المتزايد سنوياً في وزن الإنسان ابتداء من بلوغ الثلاثين من العمر. أما إذا كانت الإجابة بالإثبات، فيجب وضع الشخص ضمن فئة البدينين الذين تقول لهم التعليمات الطبية: "خفض وزنك الآن ولا تتأخر"، وهذا ينطبق أيضاً على الرجل الذي يزيد محيط خصره على 40 بوصة والمرأة التي يزيد محيط خصرها على 35 بوصة، هذا على العموم، كما يرى التقرير الصادر عن لجنة الخبراء.
لائق بدنياً.. أم لا؟
هنالك نقد موجه من بعض المعنيين بالصحة لتقرير اللجنة، وذلك لأن التقرير لم يتضمن عنصراً يتعلق بما إذا كان الشخص ذو الأرطال الزائدة لائقاً بدنياً أم لا. فالإنسان الذي يواظب على تمارين اللياقة لديه فرصة أكبر للاستمتاع بصحة طبية لعدة سنوات حتى لو كان زائداً بضعة أرطال. فنصف ساعة من النشاط الحركي الرياضي يومياً يمكن أن تبعد تلك الأخطار الصحية المعرض لها الشخص السمين. وفي دراسة أجريت بمعهد كوبر لأبحاث رياضات التهوية "ايروبيك" بدالاس – نكساس. تبين أن الناس النحاف الخاملين وغير اللائقين بدنياً، هم أكثر عرضة لخطر الموت المبكر من الآخرين البدينين المواظبين على تمارين اللياقة.
لذلك ليس المطلوب هو تنميط الناس تبعاً لجداول الوزن المثالي المنسوب إلى الطول، بل مراجعة الطبيب لحدد للإنسان وجود عوامل الخطر المهددة للصحة أم لا، وإذا ما كان المرء لائقاً بدنياً أو غير لائق. ومن ثم تحدد إن كان الشخص في حاجة للتخلص من أرطاله الزائدة،أم يكتفي بمنع اكتساب المزيد من الأرطال أو الكيلو غرامات الزائدة، والتوقف عند الخط الذي بلغه وزنه مع المواظبة على النشاط والحركة.
الفرق بين زيادة الوزن.. والسمنة:
إن البرنامج المتكامل، لمعالجة السمنة والبدانة وللتخلص من الوزن الزائد، يجب البدء فيه بالتغيير في نمط الحياة، ويكون ذلك باتباع قواعد غذائية صحية وسليمة. بعيدة عن التعصب والتشنُّجات والضغط اليومي، والقيام بحركات رياضية يومية، ولو بسيطة. كما أن نوعية الطعام تختلف، بحسب الأذواق، بين شخص وآخر، إنما يجب أن تبقى في إطار المأكولات الغذائية الصحية.
وإن الطبيب المعالج هو الذي يحدد الأسباب التي أدت إلى زيادة في الوزن – أي زيادة في كمية الشحم – التي يمكن أن تكون ناتجة عن مشكلة صحية، أو عن حالة نفسية معينة، أسفرت عن خلل في طريقة تناول الطعام، أو خلل في عمل الغدد.
يقول الدكتور أحمد حجازي: "لنؤكد أن علينا التمييز بين زيادة الوزن والسمنة. فأحياناً تكون زيادة الوزن، الظاهرة على الميزان، ناتجة عن زيادة العضل عند الرياضيين، أو عند الأولاد في طور نمو العظام والعضلات لديهم. أما السمنة، أو الإفراط في السمنة، فالمقصود بها الزيادة في كمية الدُّهن، أو الشحم في الجسم، وهي نسبة تتفاوت بين الرجل والمرأة، في أعمار معينة، وبحسب تركيبة الجسم، وباعتماد بعض الآلات الطبية المتخصصة، يمكن فحص تركيبة الجسم، من شحم وعضل وماء وعظام".