من النادر جداً أن نجد مريضاً لم تكن معدته بوابة للمرض، وفي نفس الوقت عندما نقابل أناساً رشيقي القوام، حيويي الحركة، سنجد أن مفتاح السر لديهم هي كلمة "المعدة".
وفي القديم قالوا "المعدة بيت الداء، ورأس الدواء" ونصح الكثير من الأطباء العرب والعجم، أن يدرأ الإنسان المرض عن نفسه، بالحيطة والحذر مما يدخله في جوفه من طعام، وما ينتقيه من غذاء له.
مشكلة اليوم.. البدانة:
اليوم، وأمام المشكلة الأكبر التي يعاني منها العديد من الناس، وخاصة النساء، وهي مشكلة البدانة، أو السمنة. يؤكد الأطباء أن أهم نقطة يجب أن يراعيها الإنسان هي "المعدة"، وما تحتويه من غذاء، ككمية ونوعية.
ففي الولايات المتحدة مثلا، فإن شخصاً واحداً من بين كل 3 أمريكيين، مصاب بالسمنة أو زيادة الوزن غير الصحي.
الدكتورة صباح محمد حسين تقول: "الإفراط في الطعام يؤدي إلى السمنة التي تعوق الحركة، وتثقل البدن، فيبدو عليه الكسل، ولا ينشط لأي عمل، ولا يسرع إلى واجب، ويكون خامل التفكير وكثير النوم. والمعدة من أكثر الأعضاء في الجسم بذلاً للجهد في عملية هضم الطعام، رغم أنها ضعيفة البنيان، رقيقة الأنسجة. فإذا حملت ما فوق طاقتها، أصابها الضعف والمرض. وإذا تأملنا في قول رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ : "نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع". نجد أن المرء، لا يكون في حاجة للطبيب ما دام معدته غير ممتلئة بالطعام، فهي بيت الداء، فاحذر أنك قد لا تجد دواء".
5 كيلو غرام زيادة تقلل العمر 8%:
وتشير الدكتورة صباح إلى أن الإنسان لا يستطيع دائماً أن يتحكم في شهواته نحو الطعام، فكثير من الناس يطلقون العنان لهذه العاطفة، حتى تؤدي في النهاية بهم إلى الأمراض.
ومتى كان الإنسان كذلك، فإن أول ما يصاب به البدانة، وتراكم الدهون في الجسم، ويمكن قياس درجة البدانة أو السمنة عن طريق قياس نسبة الدهون في الجسم، وهي تعادل 12% للشاب، 22% للفتاة. وفي حال ازدياد هذه النسبة إلى 20% عند الشباب و30% عند الفتاة، يمكن اعتبارهما بدينين أو سمينين.
فإذا زاد الوزن بمقدار 5 كليوغرام عن المعدل الطبيعي، زاد احتمال الموت المبكر بنسبة 8%، وهكذا تزداد احتمالات الوفاة، كلما زاد وزن الجسم عن معدلاته الطبيعية.
بخلاف ذلك، فإن البدانة، تؤدي إلى الإصابة بالعديد من الأمراض التي يأتي على رأسها ارتفاع كمية الدهون في الدم، ما يؤدي إلى تصلب الشرايين، وارتفاع ضغط الدم، فضلاً عن احتمال الإصابة بمرض السكر، وضعف حيوية الجسم وقدرته على بذل أدنى مجهود، بالإضافة إلى زيادة احتمالات إصابة الجهاز الهضمي والقلب والمفاصل بالأمراض، واضطرابات في القدرة الجنسية لدى الجنسين، الأمر الذي يؤدي إلى عمق مؤقت أو دائم.
كيف يخدع الناس أنفسهم بالطعام:
يقول الدكتور خالد حديد: "على مدى العشرين عاماً الماضية، تزايد اتجاه الناس باستعمال المحليات الخالية من السكر، وخفض نسبة الدهون في إجمال السعرات الحرارية التي يحصلون عليها، علاوة على ذلك، صارت بدائل الدهون المتنوعة متوفرة, ولعلك تعتقد أن هذا يعني أن متوسط أوزان السكان في العالم أخذ بالانخفاض، ولكن في الحقيقة أنه أخذ بالارتفاع، لماذا؟
إن التفسير البسيط لهذا، أن الناس يأكلون كميات أكبر من الطعام، ورغم أن نسبة أكبر من الطعام صارت خالية من السكر، أو قليلة الدسم، إلا أن إجمالي عدد السعرات المستهلكة أخذت بالارتفاع. وبالرغم من أننا نستهلك المزيد من الأطعمة قليلة الدسم، إلا أننا نأكل كمّاً أكبر من إجمالي الدهون".
ويضيف الدكتور خالد بالقول: "يرى الخبراء أن الأطعمة الخالية من السكر زادت من شهيتنا تجاه الحلويات، أي الحلوى الحقيقية الغنية بالسكر، وهي كما يميل الناس بخداع أنفسهم، بالاعتقاد أن الأطعمة الخالية من السكر والدسم ليس بها سعرات حرارية، وقد يكون هذا قريباً من الصواب بالنسبة لبعض المشروبات المرطبة الخالية من السكر، ولكن ليس صحيحاً بالنسبة لأصناف أخرى. كالمقرمشات وكعك القهوة وغيرها من الأطعمة الأخرى. والناس صاروا يذهبون لتنازل وجبات في المطاعم بصورة تفوق عمّا كان يحدث في الماضي، ووجبات المطاعم تحتوي عادة على كميات أكبر من إجمالي السعرات، والمزيد من الدهون عن الوجبات التي تطهى في البيوت".
كيف نتجنّب البدانة؟
يأتي ذلك عن طريق التقليل من الدهون والنشويات والمكسرات واستهلاكها باعتدال، ويفضل الاعتماد في الوجبات الغذائية على الخضروات والفواكه الطازجة، اللحوم غير الدسمة، السمك والبيض، وعدم الإكثار من ملح الطعام والمواد الفاتحة للشهية، حتى لا تتناول كمية كبيرة من الطعام. والالتزام بمواعيد ثابتة للأكل، وتجنب تناول أي شيء بين الوجبات، وعدم استخدام أدوية التخسيس، لأن غالبيتها عبارة عن هرمونات، غاية في الخطورة على الجسم، ولها آثار جانبية، والإصابة بالذبحة الصدرية، والتوتر العصبي، وزيادة ضربات القلب. حسبما ترى الدكتورة صباح.
وتضيف بالقول: من ناحية أخرى فإن الأدوية المثبطة للشهية، لها آثارها الجانبية التي من بينها، ارتفاع ضغط الدم، وزيادة ضربات القلب، والإرهاق، وعدم النوم، العرق الشديد وجفاف الفم والشعور بالقلق. ونخلص من ذلك إلى أنه لا توجد طريق آمنة للتخلص من البدانة غير الاعتدال في تناول الطعام، والبعد عن الأطعمة التي تسبب زيادة الوزن".